منطقة أبو صير الأثرية

لقد حرصت على تناول منطقة أبوصير لما تملكه تلك المدينة من آثار هامة، فقد اختارها أشهر ملوك الأسرة الخامسة لبناء أهراماتهم 
ومجموعاتهم الجنائزية بالإضافة إلى معابد الشمس التى أقيمت بمنطقة أبوغراب:
ويوجد عدد كبير من القرى التى تسمى أبوصير في مصر، والغالب أن هذه المناطق اشتق اسمها من اسم المعبود “أوزير” لاحتمال وجود معبد له في تلك المناطق،
ثم أطلق اسم المعبد على المنطقة كلها، ولعل أشهر المناطق التي حملت هذا الاسم إحدى جبانات منف والتي تقع جنوب الجيزة وتبعد نحو خمسة كيلومترات.
تعتبر أبوصير جزء من منطقة سقارة وهي تبعد حوالي ثلاثة كيلومتر من الهرم المدرج للملك زوسر مؤسس الأسرة الثالثة الفرعونية.
وقد عانت أبوصير من إهمال الأثريين لفترات طويلة٬ وكانت حفائر دي مورجان في عام 1883م من أوائل الحفائر التى أجريت بأبوصير حتى نهاية القرن التاسع عشر٬ يليها في الأهمية حفائر الأثري الألماني بورخارت في عام 1902 – 1908 م.
ثم دخلت أبوصير في طي النسيان وأصبحت ضحية في أيدي اللصوص الذين قاموا بنهبها حتى عام 1960 م،
وعندما حصل معهد الأثار التشيكوسلوفاكي على حق الحفر بمنطقة أبوصير تحت رئاسة زابا ثم يليه الأثري التشيكي فرنر الذى عمل على الكشف على أهرام أبوصير التي عُرفت باسم “الأهرامات المنسية”.

فبالإضافة إلى تلك الأهرامات عثرت البعثات على مجموعة من القطع الأثرية كالأواني المستخدمة في الطقوس الدينية ورأس الملك أوسركاف بالإضافة إلى العديد من القطع الأخرى.
كما أقامت بعثة كلية الأثار جامعة القاهرة حفائر في منطقة أبوصير، وقد أسفرت نتائج الحفائر خلال موسم 1989/ 1990 م عن اكتشاف سلسة من المقابر ببعضها البعض والتي وصل عدد البعض فيها إلى إثني عشر حجرة تتكون كل مقبرة من بئر ودفنه بالإضافة إلى العديد من الآثار الهامة الأخرى التي تم الكشف عنها.

أما خلال حفائر موسم 1992 /1993 م فتم الكشف عن تابوت حجري فارغ في المنطقة شمال هرم” ساحورع”، بالإضافة إلى العديد من الاكتشافات الأثرية الهامة في تلك المنطقة ومنها الجبانة المحاطة بسور أو مشكاوات الموجودة في الموقع الجنوبي لمعبد الشمس الخاص بالملك أوسركاف.
وقد تحدثت بردية وستكار عن كيفية تولي ملوك الأسرة الخامسة العرش:
بدأت الأسرة الخامسة حكمها بنوع من أنواع الدعاية السياسية تمثلت فى ادعاء بنوة أول ثلاثة من ملوكها ببنوتهم للإله “رع”.

اتخذت هذه الدعاية شكل قصة تعود أحداثها إلى عهد الملك “خوفو”، وتعرف باسم بردية “وستكار” أو “قصة خوفو والسحرة”، وقد وصل إلينا أول نموذج من عصر الدولة الوسطى على رغم أن أسلوب القصة يرجعها إلى عهد الدولة القديمة.
أقام ملوك الأسرة الخامسة مقابرهم في شكل هرم صغير الحجم، حتى أن منها ما لا يزيد ارتفاعه على تسعة عشر متراً، ويرجع ذلك إلى ضعف الملوك بالإضافة إلى أسباب اقتصادية أدت إلى عدم استخدام أعداد كثيرة من العمال.

كانت هذه الأهرام مغطاة الجوانب بكساء من الحجر الجيري الأبيض، وعندما تعرضت المنطقة لعبث المخربين طلباً للأحجار نزعوا أحجار الكساء الخارجي ولم يتبق إلا الأجزاء الداخلية من كل هرم.
ولقد أقام الملك” ساحورع” مجموعته الهرمية في أبوصير، بالقرب من معبد الشمس الخاص بالملك أوسركاف، وقد حظيت المجموعة الهرمية بعناية كبيرة فى ترميمها.
أما بالنسبة للملك “نفراركارع” فقد شرع في بناء مجموعته الهرمية وذلك على مسافة تبعد قليلا عن مجموعة “ساحورع”.

وقد أراد “نفر ار كارع” أن تكون مجموعته الهرمية متشابهة للمجموعة الهرمية الخاصة بالملك سا حورع ولكن على نطاق أكبر، ولكنه توفي قبل أن ينتهي من بنائها، فقام من خلفه على العرش بالتعديل فى التصميم بجانب إكمال العمل بالطوب النىء.
كما أقامت الملكة خنتكاوس الثانية مجموعتها الهرمية فى منطقة أبوصير أيضاً٬ فقد أدت أعمال البعثة التشيكية فى تلك المنطقة إلى إكتشاف هرم الملكة خنتكاوس الثانية الذى يقع جنوب هرم الملك “نفر إير كا رع”.

كما أقام الملكين “نفر اف رع” و “نى وسر رع” مجموعتهما الهرمية أيضا فى منطقة أبوصير.
وأنتشرت منازل الكهنة ومخازن المعابد و بعض المقابر حول تلك الاهرام و معابدها٬ وأهمها مصطبة “بتاح شبسس” الذى كان مديراً للأعمال فى عهد الملك “سا حو رع” ٬ وفيها نقوش هامة مازال بعضها محتفظاً بألوانه٬ تمثل تقديم القرابين و بعض نواحى الحياة الخاصة فى ذلك الوقت.

وفى نهاية الفصل سأتحدث فيه أيضاً عن خرائب المجموعتين الهرميتين الصغيرتين الواقعة على حافة جبانة أبوصير الهرمية وعلى بعد عدة عشرات من الكيلومترات جنوب هرم”خنتكاوس الثانية” وقد لاحظتها بعثة لبسيوس فى النصف الأول من القرن التاسع عشر وأعطتها الأرقام (24 ٬ 25)على خريطتها الاثرية.

أما بالنسبة بعبادة الإله رع الذى أقيمت له مجموعة من معابد الشمس فى تلك المنطقة الاثرية فقد كانت عبادة الشمس بصفة عامة من أقدم العبادات فى مصرالقديمة حيث ترجع إلى عصور سحيقة.
كان إله الشمس رع يمثل مرحلة الظهيرة من حيث الاسم٬ فقد كان أشهر الإلهه المصرية٬ وأندمج مع عدد كبير من الالهه المصرية٬ فظهر على شكل آدمى٬ و أدمى برأس صقر و كذلك على شكل قرص الشمس

أما عن أول ظهور لاسم الإله “رع” فكان فى اسم ثانى ملوك الاسرة الثانية “رع نب” ويعنى الاسم “رع هو السيد”
كانت مدينة هليوبوليس هى المركز الرئيسى لعبادة (رع) وقد وصلت عبادة رع إلى الذروة فى عهد الاسرة الخامسة٬ عندما أصبح الملك يُعرف ” بابن رع ” ٬ حيث زاد الولاء للإله رع فى عهد تلك الاسرة.

ومن مظاهر استقرار عبادة رع فى عصر هذه الاسرة أن قام ملوكها بتشييد المعابد المكشوفة للإله و المعروفة باسم ” معابد الشمس” .
أقام كل ملك من ملوك هذه الأسرة معبداً خاصاً لإله الشمس ” رع ” فى أبوصير٬ و يعتبر معبد الشمس الذى أقامه الملك ” ساحورع” بأبىصير شمال سقارة بالقرب من هرمه أحسن مثال لهذه المعابد المميزة لهذه الأسرة٬ 
بينما يعتبر معبد الشمس الخاص بالملك ” نى وسر رع” المقام بأبو غراب شمال سقارة هو الوحيد الذى أمدنا بما يكفى من البيانات الخاصة بتصميم مثل هذه المعابد حيث دُمرت معابد الشمس تدميراً تاماً.
________________________________________________________________________
المراجع:
1. سيريل ألدريد،الحضارة المصرية ” من عصور ما قبل التاريخ حتى نهاية الدولة القديمة،ترجمة :مختار السويفى،مراجعة :أحمد قدرى،الدار المصرية اللبنانية.
2. أ.أ. س.ادواردز٬ ترجمة:مصطفى أحمد عثمان٬ مراجعة: أحمد فخرى٬ أهرام مصر٬ الهيئة المصرية العامة للكتاب٬ 1997م.
3. Anthony، J.، Ancient Egypt a Guide to the sacred places of Ancient Egypt، Alfred A. knopt New York، 1895.
4. Shaw, I., Exploring Ancient Egypt, Oxford University press, 2003.
5. Hawass, Z., Silent imags: Women in Pharanoic Egypt, American university in Cairo press, 2009

0 (عدد التعليقات: ):

إرسال تعليق